فصل: الباب الرابع والعشرون : فيما أوله ميم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأمثال **


*2* -  الباب الرابع والعشرون فيما أوله ميم

3738- ما تَنْفَع الشَّعْفَةُ فِي الوَادِي الرُّغُبِ

الشَّعْفَة‏:‏ المَطْرَة الهينة، والوادي الرُّغب‏:‏ الواسع

يضرب للذي يُعطِيك قَليلاً لا يقع منك مَوْقعاً، ويروى ‏"‏ما ترتفع‏"‏

3749- ما يَجْعَلُ قَدَّكَ إلى أَديِمكَ‏؟‏

القَدُّ‏:‏ مَسْكُ السَّخْلة، والأديم‏:‏ الجِلْد العظيم، أي ما يحملك على أن تقيس الصَّغِيرَ من الأمر بالعظيم منه، و‏"‏إلى‏"‏ من صلة المعنى، أي ما يَضُمُّ قدَّكَ إلى أديمك‏؟‏

يضرب في إخطاء القياس

3750- مَا حَلَلْتَ بَطْنَ تَبَالَةَ لِتَحْرِمَ الأَضْيَاف

تَبَالة‏:‏ بلد مُخْصبة باليمن، ويروى ‏"‏لم تحلِّى بطن تبالة لتُحْرِمى‏"‏ بالتأنيث‏.‏

يضرب لمن عَوَّدَ الناسَ إحسانَه، ثم يريد أن يقطعه عنهم‏.‏

3751- مَا عَلَى الأرْضِ شيء أَحَقُّ بِطُولِ سِجْن مِنْ لسَانٍ

يروى ‏"‏أحَقَّ‏"‏ نصبا على لغة أهل الحجاز، وربما على لغة تميم، وهذا المثل ‏[‏ص 261‏]‏ يروى عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه

يضرب في الحثّ على حفظ اللسان عما يجر إلى صاحبِهِ شراً‏.‏

4752- مَا صَدَقَةٌ أفْضَلَ مِنْ صَدَقَةٍ مِنْ قَوْل

يعني من قول يكون بالحق يضرب في حفظ اللسان أيضاً

3753- مَا بَلِلْتُ مِنهُ بأفْوَقَ ناصِلٍ

البل‏:‏ الظَّفَر، والفعل منه بَلَّ يَبَلّ مثل عَضَّ يَعَضّ، ومنه قول الشاعر‏:‏

وَبَلِّى إنْ بَلِلْتِ بأرْيَحيٍّ * مِنَ الفِتْيَانِ لاَ يُضْحِي بَطِيناً

والأفْوَق‏:‏ السَّهْم الذي انكَسَر فوقه، والناصل‏:‏ الذي خرج نَصْلُه وسقط‏.‏

يضرب لمن له غناء فيما يُفَوض إليه من أمر، وقَالَ بعضهم‏:‏ يضرب لمن ‏[‏لاَ‏]‏ ينال منه شيء لبخله‏.‏

وأصل النصول المفارقة، يُقَال‏:‏ نَصَلَ الخِضابُ؛ إذا ذهب وفارق‏.‏

3754- مَا يُقَعْقَعُ لَهُ بِالشِّنَانِ

القَعْقَعَة‏:‏ تحريك الشيء اليابِسِ الصُّلْب مع صوتٍ مثل السلاَح وغيره، والشِّنَان‏:‏ جمع شَنٍّ، وهو القِرْبَة البالية، وهم يحركونها إذا أرادوا حَثَّ الإبل على السيرِ لتَفْزَعَ فتُسْرِعَ، قَالَ النابغة‏:‏

كَأَنَّكَ مِنْ جِمَالِ بَنى أُقَيْشٍ * يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ

يضرب لمن لاَ يَتضع لما ينزل به حوادث الدهر، ولاَ يروعه ما لاَ حقيقة له

3755- مَا يُصْطَلَى بِنَارِهِ

يعنى أنه عزيز مَنِيع لاَ يوصَلُ إليه ولاَ يتعرض لِمَرَاسِهِ، قَالَ الأنصارى‏:‏

أنا الذي مَا يُصطَلَى بنارِهِ * ولاَ ينَامُ الجارُ من سُعَارِهِ

السُّعار‏:‏ الجوع، يريد أنا الذي لاَ ينامُ جارُهُ جائعاً، ويجوز أن تكون النار

كنايةً عن الجود، أي لاَ يطلب قِرَاه لبُخْله، ويدلّ على هذا المعنى قولُه ‏"‏ولاَ ينام الجار‏"‏ أي جاره؛ فيكون البيتان هَجْوا

3756- مَا تُقْرَنُ بِفُلاَن صَعْبَةٌ

أصله أن الناقة الصَّعبة تقترن بالجَمَل الذلول لَيُروضَهَا ويذللها، أي‏:‏ أنه أكْرَمُ وأجلّ من أن يستعمل ويكلف تذليل الصعب كما يكلف ذلك الفحل

يضرب لمن يذل من ناوأة قَالَه أبو عبيد، وقَالَ الباهلي‏:‏ الذي أعرفه ‏"‏تُقْرَنُ بفُلاَنٍ الصَّعْبة‏"‏ أي هو الذي يصلح لإصلاَح الأمر يُفَوّض إليه ويُهاج له لا غيره‏.‏

3757- مَا بَلِلْتُ مِنْهُ بِأعْزَلَ

الأعزل‏:‏ الذي لاَ سلاَح معه، أي ما ظفرت ‏[‏ص 262‏]‏ منه برجل ليس معه أداة لأمر يُوكلُ إليه، بل هو معد لما يُعَوَّلُ فيه عليه‏.‏

3758- مَا يُحْسًنُ القُلْبَانِ فِي يَدَىْ حَالِبَةِ الضَّأْنِ‏.‏

القُلْب‏:‏ السِّوار، ويراد بحالبة الضأن الأمةُ الراعيةُ‏.‏

يضرب لمن يُرَى بحالة حسنة وليس لها بأهل‏.‏

3759- ما وَرَاءِكَ يَا عِصَام‏؟‏

قَالَ المفضل‏:‏ أولُ من قَالَ ذلك الحارث بن عمرو مَلِكُ كِنْدَةَ، وذلك أنه لما بلغه جَمَالُ ابنة عَوْف بن مُحَلِّم الشَّيْبَاني وكمَالُها وقوة عَقْلها دعا امرأةً من كِنْدَة يُقَال لها عِصَام ذاتَ عقل ولسان وأدَب وبَيَان، وقَالَ لها‏:‏ اذهبي حتى تعلمي لي عِلْم ابنَةِ عَوْف، فمضَتْ حتى انتهت إلى أمها، وهى أمامَةُ بنةُ الحارث، فأعلمتها ما قدمَتْ له، فأرسلت أمامة إلى ابنتها، وقَالَت‏:‏ أي بنية، هذه خالتُك أتَتْكِ لتنظر إليك، فلاَ تستُرِي عنها شيئاً إن أرادت النظر من وجهٍ أو خلق، وناطقيها إن استنطقتك، فدخلت إليها فنظرت إلى ما لم ترقَطُ مثله، فخرجت من عندها وهي تقول‏:‏ ترك الخِدَاعَ مَنْ كَشَفَ القَناع، فأرسلتها مثلاً، ثم انطلقت إلى الحارث فلما رآها مقبلة قَالَ لها‏:‏ ما وراءك ياعصام‏؟‏ قَالَت‏:‏ صَرَّحَ المَخْضُ عن الزُّبْد، رأيت جَبْهة كالمِرْآة المصقولة، يزينها شعر حالك كأذناب الخيل، إن أرْسَلَتْه خِلْته السلاَسل، وإن مشطته قلت عناقيد جَلاَها الوابل‏.‏ وحاجبين كأنما خُطّا بقلم، أو سُوِّدا بحمم، تقوَّسا على مثل عَيْن ظبية عَبْهَرَة، بينهما أنف كحدِّ السيف الصَّنيع، حَفَّتْ به وَجْنَتَان كالأرجُوان، في بياض كالجُمَان، شُقَّ فيه فم كالخاتم، لذيذ المبتسم، فيه ثَنَايا غُر ذات أشَر، تقلَّبَ فيه لِسَان، ذو فصاحة وبيان، بعقل وافر، وجواب حاضر، تلتقي فيه شَفَتَان حَمْرَاوان،

تحلبان ريقاً كالشهد إذا دلك، في رقبة بيضاء كالفضة، ركبت في صَدرْ كصَدْر تمثال دُمْية، وعَضُدان مُدْمَجَان يتصل بها ذراعان ليس فيهما عظم يُمَسُّ، ولاَ عرق يجس، ركبت فيهما كفان دقيق قصبهما لين عَصَبُهُما، تعقد إن شيءت منهما الأنامل، نتأ في ذلك الصدر ثَدْيان كالرمَّانتين يخرقان عليها ثيابها، تحت ذلك بطن طُوِى طيَّ القَبَاطيِّ المدمجة كسر عُكَناً كالقَرَاطيس المدرجة، تُحِيطُ بتلك العكن سُرَّة كالمُدْهُن المجلوِّ، خلف ذلك ظهر فيه كالجدول، ينتهي إلى حضر لولاَ رحمة الله لاَ نَبَتَرَ، لها كفَلُ يُقْعدها ‏[‏ص 263‏]‏ إذا نهضَت وينهضها إذا قعدت، كأنه دِعْصُ الرَّمْل لَبَّده سقوط الطَّلَّ، يحمله فَخِذَانِ لُفَّا كأنما قلبا على نَضَد جُمَان، تحتهما ساقان خَدْلَتَان كالبرديتين وُشِّيتا بشعر أسود كأنه حلق الزرد، يحمل ذلك قَدَمَان كحذو اللسان، فتبارك الله مع صغرهما كيف تطيقان حمل ما فوقهما، فأرسل الملك إلى أبيها فخطبها، فزوجها إياه، وبعث بصداقها، فجهزت، فلما أراد أن يحملوها إلى زوجها قَالَت لها أمها‏:‏ أي بنية، إن الوصية لو تُرِكت لِفَضلِ أدبٍ تُرِكت لذلك منك، ولكنها تذكرة للغافل، ومَعُونة للعاقل، ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لِغِنَي أبويها وشدَّة حاجتهما إليها كنتِ أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خلقْنَ، ولهن خلق الرجال‏.‏ أي بنية، إنك فَارقْتِ الجوَّ الذي منه خَرَجْتِ، وخَلَّفْتِ العُشَّ الذي فيه دَرَجْتِ، إلى وَكْر لم تعرفيه، وقَرِين لم تألفيه، فأصبح بملكه عليك رقيباً ومليكا، فكونِي له أمَةً يكُنْ لك عبداً وَشِيكا، يا بنية احْمِلِي عنى عَشْرَ خِصَالٍ تكن لك ذُخْراً وذِكْراً‏:‏

الصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة، والتعهُّد لموقع عينه، والتفقُّد لموضع أنفه، فلاَ تَقَع عينُه منك على قبيح، ولاَ يشم منك إلاَ طيبَ ريح، والكحلُ أحسنُ الحسن، والماء أطيبُ الطيب المفقود، والتعهد لوقت طعامه، والهدو عنه عند منامه، فإن حَرَارة الجوع مَلْهبة، وتنغيص النوم مَبْغَضَة والاحتفاظ ببيته وماله، والإرعاء على نفسه وحشمه وعياله فإن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، والإرعاء على العيال والحشم جميل حسن التدبير، ولاَ تُفْشِي له سراً، ولاَ تعصي له أمراً، فإنك إن أفشيتِ سِرَّه لم تأمني غَدْرَه، وإن عصيت أمره أوغَرْتِ صَدْره ثم اتَّقِي مع ذلك الفرح إن كان تَرِحَا، والاكتئاب عنده إن كان فَرِحَا، فإن الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التكدير، وكوني أشَدَّ ما تكونين له إعظاماً يكن أشد ما يكون لك إكراما، وأشد ما تكونين له موافقة، يكن أطولَ ما تكونين له مرافقة، واعلمي أنك لاَ تَصْلِين إلى ما تحبين حتى تُؤْثِرِي رضاه على رضاك، وهواه على هواك، فيما أحببت وكرهت، والله يَخِيرُ لك، فحملت فسُلِّمَت إليه، فعَظُم مَوْقِعُها منه، وولدت له الملوك السبعة الذين ملكوا بعده اليمن‏.‏

وروى أبو عبيد ‏"‏ما وَرَاءَكَ‏"‏ على التذكير وقَالَ‏:‏ يُقَال‏:‏ إن المتكلم به النابغة الذُبْيَاني قَالَه لعصام بن شهبر حاجب النعمان، وكان مريضاً، وقد أُرْجِفَ بموته، فسأله النابغة عن حال النعمان، فَقَالَ‏:‏ ما وراءك يا عصام‏؟‏‏[‏ص 264‏]‏

ومعناه ما خَلْفَكَ من أمر العليل، أو ما أمامك من حاله، ووَرَاء‏:‏ من الأضداد‏.‏

قلت‏:‏ يجوز أن يكون أصل المثل ما ذكرت، ثم اتفق الاَسمان، فخُوطِبَ كلٌّ بما استحق من التذكير والتأنيث‏.‏

3760- مَا لِي ذَنْبٌ إلاَ ذَنْبُ صَخْرٍ

ويجوز ‏"‏ذنب صَخْرَ‏"‏ يُصْرَف ولاَ يُصْرَف، كجُمْل ودَعْد، وهي صخر بنت لقمان، كان أبوها لقمان وأخوها لُقَيْم خرجا مُغِيرَيْنِ، فأصابا إبلاَ كثيرة، فسبق لقيم إلى منزله، فعمدت صخر إلى جَزُور مما قدم بها لقيم فنحَرَتْهَا وصنعت منها طعاماً يكون مُعَدَّاً لأبيها لقمان إذا قدم تُتْحِفه به، وقد كان لقمان حَسَدَ لقيماً لتبريزه كان عليه، فلما قدم لقمان وقَدَّمَتْ صخر إليه الطعام وعلم أنه من غنيمة لقيم لطَمَهَا لطمةً قضت عليها؛ فصارت عقوبتها مثلاً لكل مَنْ يُعَاقَبُ ولاَ ذَنْبَ له‏.‏

ويضرب لمن يُجْزَى بالإحسان سوأ قَالَ خُفاف بن نَدْبَةَ‏:‏

وَعَبَّاس يَدِبُّ ليَ المَنَايَا * ومَا أَذْنَبْتُ إلاَ ذَنْبَ صَخْرٍ

ويروى‏:‏

وَعَسَّاس يَدِبُّ لِيَ المَنَايَا*